فصل: وَالشَّرْطُ (الْخَامِسُ: كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَمْلُوكَةً لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِيهَا):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.وَالشَّرْطُ (الْخَامِسُ: كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَمْلُوكَةً لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِيهَا):

لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ فَاشْتُرِطَ فِيهَا ذَلِكَ كَالْبَيْعِ فَلَوْ أَجَّرَ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَلَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ كَبَيْعِهِ.
(وَتَصِحُّ إجَارَةُ مُسْتَأْجَرِ) الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ (لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) فِي اسْتِيفَاءِ النَّفْعِ (أَوْ) لِمَنْ (دُونَهُ فِي الضَّرَرِ)؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمَّا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ، جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا بِنَفْسِهِ وَنَائِبِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤْجِرَهَا (لِمَنْ هُوَ أَكْثَرُ ضَرَرًا مِنْهُ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ، (وَلَا) إجَارَتُهَا (لِمَنْ يُخَالِفُ ضَرَرُهُ ضَرَرَهُ) لِمَا مَرَّ (مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْجُورُ (حُرًّا كَبِيرًا) كَانَ (أَوْ صَغِيرًا) خِلَافًا لِلتَّنْقِيحِ، حَيْثُ قَيَّدَ بِالْكَبِيرِ (فَإِنَّهُ لَيْسَ لِمُسْتَأْجِرٍ أَنْ يُؤَجِّرَهُ)؛ لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ يَدُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ إنْ كَانَ كَبِيرًا، (أَوْ يُسَلِّمُهُ وَلِيُّهُ) إنْ كَانَ صَغِيرًا.
(وَتَصِحُّ) إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ (لِغَيْرِ مُؤَجِّرِهَا وَ) تَصِحُّ (لِمُؤَجِّرِهَا بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ، وَ) بِ (زِيَادَةٍ) عَلَى الْأُجْرَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَجُوزُ بِرَأْسِ الْمَالِ، فَجَازَ بِزِيَادَةٍ (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ) الْمُسْتَأْجِرُ (الْمَأْجُورَ) سَوَاءٌ أَجَّرَهُ لِمُؤْجِرِهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْعَيْنِ لَا يَنْتَقِلُ بِهِ الضَّمَانُ إلَيْهِ فَلَمْ يَقِفْ جَوَازُ التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمَكِيلِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (مَا لَمْ تَكُنْ) إجَارَتُهُ لِمُؤَجِّرِهِ بِزِيَادَةٍ (حِيلَةً) كَعِينَةٍ بِأَنْ أَجَّرَهَا بِأُجْرَةٍ حَالَّةً نَقْدًا ثُمَّ أَجَّرَهَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ مُؤَجَّلًا، فَلَا يَصِحُّ لِمَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ.
(وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ) الْأَوَّلِ (مُطَالَبَةُ الْمُؤْجِرِ الثَّانِي بِالْأُجْرَةِ)؛ لِأَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ لَيْسَ بِغَرِيمٍ قُلْتُ: إنْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَوْ امْتَنَعَ فَلِلْمُؤْجِرِ رَفْعُ الْأَمْرِ لِلْحَاكِمِ فَيَأْخُذُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي وَيُوَفِّيهِ أُجْرَتَهُ، أَوْ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ حَفِظَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ فَمَتَى وُجِدَ لَهُ مَالٌ وَفَّاهُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.
(وَإِذَا تَقَبَّلَ) الْأَجِيرُ (عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ بِأُجْرَةٍ كَخِيَاطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَهُ غَيْرُهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا) أَيْ أُجْرَتِهِ (وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ بِشَيْءٍ) مِنْ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَقْبَلَهُ بِمِثْلِ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ بِدُونِهِ كَالْبَيْعِ، وَكَإِجَارَةِ الْعَيْنِ.
(وَلِمُسْتَعِيرٍ إجَارَتُهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ (إنْ أَذِنَ لَهُ مُعِيرٌ فِيهَا) أَيْ فِي إجَارَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهَا لَجَازَ فَكَذَا فِي إجَارَتِهَا وَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَجَازَ بِإِذْنِهِ وَقَوْلُهُ (مُدَّةً يُعَيِّنُهَا) مُتَعَلِّقٌ بِإِجَارَتِهَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ إنْ عَيَّنَ لَهُ رَبُّهَا مُدَّةً تَقَيَّدَ بِهَا وَإِلَّا فَكَوَكِيلٍ مُطْلَقٍ يُؤَجِّرُ الْعُرْفَ كَمَا يَأْتِي (وَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهَا) دُونَ الْمُسْتَعِيرِ لِانْفِسَاخِ الْعَارِيَّةِ بِوُرُودِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا؛ لِكَوْنِ الْإِجَارَةِ أَقْوَى لِلُزُومِهَا.
(وَلَا يَضْمَنُ مُسْتَأْجِرٌ) مِنْ مُسْتَعِيرٍ وَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ.
(وَتَصِحُّ إجَارَةُ وَقْفٍ؛)؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَجَازَ لَهُ إجَارَتُهَا كَالْمُسْتَأْجِرِ (فَإِنْ مَاتَ الْمُؤْجِرُ انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ (إنْ كَانَ الْمُؤْجِرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ نَاظِرًا بِأَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّظَرَ لِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَكُونُ لَهُ النَّظَرُ إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَوَجْهُ انْفِسَاخِهَا إذَنْ أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ يَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ بِجَمِيعِ مَنَافِعِهَا تَلَقِّيًا مِنْ الْوَاقِفِ بِانْقِرَاضِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّ الْوَارِثَ يَمْلِكُهُ مِنْ جِهَةِ الْمَوْرُوثِ فَلَا يَمْلِكُ إلَّا (مَا خَلَّفَهُ وَحَقُّ الْمُوَرِّثِ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْ مِيرَاثِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ آثَارُهُ بَاقِيَةٌ فِيهِ؛ لِهَذَا تُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ (وَإِنْ جَعَلَ لَهُ) أَيْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (الْوَاقِفُ النَّظَرَ) بِأَنْ قَالَ: النَّظَرُ لِزَيْدٍ أَوْ لِلْأَرْشَدِ، فَالْأَرْشَدِ وَنَحْوِهِ (أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى جَعْلِ النَّظَرِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (فَلَهُ النَّظَرُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالشَّرْطِ وَلَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ)؛ لِأَنَّ إيجَارَهُ هُنَا بِطَرِيقِ الْوَلَايَةِ وَمَنْ يَلِي بَعْدَهُ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيمَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ الْأَوَّلُ (فَيَرْجِعُ مُسْتَأْجِرٌ) عَجَّلَ الْأُجْرَةَ (عَلَى مُؤَجِّرٍ قَابِضٍ) لِلْأُجْرَةِ (فِي تَرِكَتِهِ حَيْثُ قُلْنَا: تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ كَالْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا تَسْقُط قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (مُقْطَعٌ) أَرْضًا ارْتِفَاقًا إذَا (أَجَّرَ إقْطَاعَهُ انْتَقَلَ) مَا أَجَّرَهُ (إلَى غَيْرِهِ بِإِقْطَاعٍ آخَرَ) فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَيَأْخُذُ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ مَا يُقَابِلُ زَمَنَ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ، وَيَرْجِعُ مُسْتَأْجِرٌ عَلَى قَابِضٍ.
(وَإِنْ كَانَ الْمُؤْجِرُ) لِلْوَقْفِ (النَّاظِرَ الْعَامَّ) وَهُوَ الْحَاكِمُ (أَوْ مَنْ شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ النَّظَرَ، وَكَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَمْ تَنْفَسِخْ) الْإِجَارَةُ (بِمَوْتِهِ وَلَا بِعَزْلِهِ) فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ قَبْلَهَا، كَمَا لَوْ أَجَّرَ سَنَةَ خَمْسٍ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمَاتَ، أَوْ عُزِلَ قَبْلَ دُخُولِ سَنَةِ خَمْسٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ أَجَّرَ بِطَرِيقِ الْوَلَايَةِ وَمَنْ يَلِي النَّظَرَ بَعْدَهُ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيمَا لَمْ يَتَصَرَّفْ هُوَ فِيهِ وَ(كَمِلْكِهِ الْمُطْلَقِ) إذَا أَجَّرَهُ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَاَلَّذِي يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَسْلِفُوا الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوا الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ، وَلَا الْإِجَارَةَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (فَالتَّسَلُّفُ لَهُمْ قَبْضُ مَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِخِلَافِ الْمَالِكِ وَعَلَى هَذَا فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي أَنْ يُطَالِبَ بِالْأُجْرَةِ الْمُسْتَأْجِرَ الَّذِي سَلَّفَ الْمُسْتَحِقِّينَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّسْلِيفُ، وَلَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوا النَّاظِرَ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسَلِّفَ) ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ (وَكَمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ) عَطْفٌ عَلَى كَمِلْكِهِ الْمُطْلَقِ، أَيْ وَكَمَا لَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ مُسْتَأْجِرٍ.
(وَإِذَا أَجَّرَ الْوَلِيُّ الْيَتِيمَ) مُدَّةً (أَوْ) أَجَّرَ (مَالَهُ) مُدَّةً (أَوْ) أَجَّرَ (السَّيِّدُ الْعَبْدَ مُدَّةً) مَعْلُومَةً (ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَرَشَدَ وَعَتَقَ الْعَبْدُ) قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (فَإِنْ كَانَ) الْوَلِيُّ (يَعْلَمُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ بِأَنْ أَجَّرَهُ سَنَتَيْنِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً (أَوْ) كَانَ السَّيِّدُ يَعْلَمُ (عِتْقَ الْعَبْدِ) فِيهَا (بِأَنْ كَانَ) عِتْقُهُ (مُعَلَّقًا) عَلَى شَيْءٍ يُوجَدُ فِيهَا (انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ (وَقْتَ عِتْقِهِ) أَيْ الْعَبْدِ.
(وَ) وَقْتَ (بُلُوغِهِ) أَيْ الْيَتِيمِ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى أَنْ تَصِحَّ عَلَى جَمِيعِ مَنَافِعِهِمَا طُولَ عُمُرِهِمَا وَإِلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ كُلٌّ (مِنْهُمَا فِي غَيْرِ زَمَنِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمَأْجُورِ.
(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْوَلِيُّ بُلُوغَ الْيَتِيمِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ عِتْقَهُ فِي أَثْنَائِهَا (لَمْ تَنْفَسِخْ) الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لَازِمٌ يَمْلِكُهُ الْمُتَصَرِّفُ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ بَاعَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا.
(وَلَا تَنْفَسِخُ) إجَارَةُ الْيَتِيمِ أَوْ مَالِهِ (بِمَوْتِ) الْوَلِيِّ (الْمُؤْجِرِ وَلَا عَزْلِهِ)؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ فِيمَا الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْطُلْ تَصَرُّفُهُ، كَمَا لَوْ مَاتَ نَاظِرُ الْوَقْفِ أَوْ عُزِلَ هُوَ أَوْ الْحَاكِمُ (وَلَا يَرْجِعُ الْعَتِيقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ) الَّتِي قَبَضَهَا سَيِّدُهُ حِينَ أَجَّرَهُ وَهُوَ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالْعَقْدِ (لَكِنَّ نَفَقَتَهُ) أَيْ الْعَتِيقِ (فِي مُدَّةِ بَاقِي الْإِجَارَةِ عَلَى سَيِّدِهِ)؛ لِأَنَّهُ كَالْبَاقِي فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عِوَضَ نَفْعِهِ (إنْ لَمْ تَكُنْ) نَفَقَتُهُ (مَشْرُوطَةً عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) فَإِنْ شُرِطَتْ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ.
(وَلَوْ وُرِثَ الْمَأْجُورُ) بِأَنْ مَاتَ مَالِكُهُ وَانْتَقَلَ إلَى وَرَثَتِهِ (أَوْ اُشْتُرِيَ) الْمَأْجُورُ (أَوْ اُتُّهِبَ) الْمَأْجُورُ (أَوْ وَصَّى لَهُ) أَيْ لِإِنْسَانٍ (بِالْعَيْنِ) الْمُؤَجَّرَةِ (أَوْ أُخِذَ) الْمَأْجُورُ (صَدَاقًا) بِأَنْ تَزَوَّجَ مَالِكُهُ عَلَيْهِ امْرَأَةً (أَوْ أَخَذَهُ الزَّوْجُ عِوَضًا عَنْ خُلْعٍ) أَوْ طَلَاقٍ (أَوْ) أُخِذَ (صُلْحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) بِأَنْ جُعِلَ عِوَضًا فِي عِتْقٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ إجَارَةٍ وَنَحْوِهَا (فَالْإِجَارَةُ بِحَالِهَا) لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ، وَيَكُونُ الْمَأْجُورُ مِلْكًا لِلْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مَسْلُوبَ الِانْتِفَاعِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.
(وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ)؛ لِأَنَّ الْمُقْطَعَ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ (كَالْوَقْفِ فَلَوْ أَجَّرَهُ) الْمُقْطَعُ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَقْطَاعُ لِآخَرَ فَالصَّحِيحُ) أَنَّ الْإِجَارَةَ (تَنْفَسِخُ) بِانْتِقَالِهِ عَنْهُ (كَمَا تَقَدَّمَ) قَرِيبًا.
(وَإِنْ كَانَتْ الْأَقْطَاعُ عُشْرًا) قُلْتُ: أَوْ خَرَاجًا، بِأَنْ أَقْطَعَهُ عُشْرَ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ خَرَاجَهَا دُونَ الْأَرْضِ (لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا)؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَرْضَ وَلَا مَنْفَعَتَهَا (كَتَضْمِينِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّ تَضَمُّنَهُ الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ بَاطِلٌ وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ.

.فَصْلٌ: أَقْسَامُ إِجَارَةِ الْعَيْنِ:

وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ (أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ عَلَى مُدَّةٍ كَإِجَارَةِ الدَّارِ شَهْرًا أَوْ) إجَارَةِ (الْأَرْضِ عَامًا) أَوْ إجَارَةِ (الْآدَمِيِّ لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِلرَّعْيِ) أَوْ لِلنَّسْخِ أَوْ لِلْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ إجَارَةَ الْعَيْنِ تَارَةً تَكُونُ فِي الْآدَمِيِّ، وَتَارَةً تَكُونُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَنَازِلِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا وَقَدْ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا (وَيُسَمَّى الْأَجِيرُ فِيهَا الْأَجِيرَ الْخَاصَّ وَهُوَ) أَيْ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ (مَنْ قُدِّرَ نَفْعُهُ بِالزَّمَنِ) لِاخْتِصَاصِ الْمُسْتَأْجِرِ بِمَنْفَعَتِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ.
(وَإِذَا تَمَّتْ الْإِجَارَةُ وَكَانَتْ عَلَى مُدَّةِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنَافِعَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا فِيهَا) أَيْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ (وَتَحْدُثُ) الْمَنَافِعُ (عَلَى مِلْكِهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ اسْتَوْفَاهَا أَوْ تَرَكَهَا كَالْمَبِيعِ.
(وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً) لِأَنَّ الْمُدَّةَ هِيَ الضَّابِطَةُ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْمُعَرِّفَةُ لَهُ، فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهَا كَالْمَكِيلَاتِ.
وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ (يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ فِيهَا، وَإِنْ طَالَتْ) الْمُدَّةُ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لَهُ كَوْنُ الْمُسْتَأْجِرِ يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ مِنْهَا غَالِبًا وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْعَاقِدِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ، بَلْ الْوَقْفُ أَوْلَى قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
(فَإِنْ قَدَّرَ الْمُدَّةَ بِسَنَةٍ مُطْلَقَةٍ حُمِلَ عَلَى السَّنَةِ الْهِلَالِيَّةِ) لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ فَإِنْ وَصَفَهَا بِهِ كَانَ تَأْكِيدًا.
(وَإِنْ قَالَ) سَنَةً (عَدَدِيَّةً، أَوْ) قَالَ (سَنَةً بِالْأَيَّامِ فَ) هِيَ (ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا، لِأَنَّ الشَّهْرَ الْعَدَدِيَّ ثَلَاثُونَ يَوْمًا) وَالسَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا.
(وَإِنْ قَالَ سَنَةً رُومِيَّةً، أَوْ شَمْسِيَّةً، أَوْ فَارِسِيَّةً، أَوْ قِبْطِيَّةً وَهُمَا يَعْلَمَانِهَا جَازَ) ذَلِكَ (وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ) فَإِنَّ الشُّهُورَ الرُّومِيَّةَ: مِنْهَا سَبْعَةٌ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَأَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَوَاحِدٌ- ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَهُوَ شُبَاطُ وَزَادَهُ الْحِسَابُ رُبْعًا، وَشُهُورُ الْقِبْطِ كُلُّهَا ثَلَاثُونَ ثَلَاثُونَ وَزَادُوهَا خَمْسَةً وَرُبْعًا، لِتُسَاوِي سَنَتُهُمْ السَّنَةَ الرُّومِيَّةَ.
(وَإِنْ جَهِلَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ (ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ السِّنِينَ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ (أَوْ) جَهِلَهُ (أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِلْجَهْلِ بِمُدَّةِ الْإِجَارَةِ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَلِيَ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ (الْعَقْدَ، فَلَوْ أَجَرَهُ سَنَةَ خَمْسٍ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ صَحَّ) الْعَقْدُ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مَعَ غَيْرِهَا، فَجَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُفْرَدَةً كَالَّتِي تَلِي الْعَقْدَ (سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَيْنُ) الْمُؤَجَّرَةُ (مَشْغُولَةً وَقْتَ الْعَقْدِ بِإِجَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا إذَا أَمْكَنَ التَّسْلِيمُ عِنْدَ وُجُوبِهِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ مَشْغُولَةً) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ عِنْدَ وُجُوبِهِ كَالسَّلَمِ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ.
(فَلَا تَصِحُّ إجَارَةٌ) أَرْضٍ (مَشْغُولَةٍ بِغِرَاسٍ أَوْ بِنَاءٍ لِلْغَيْرِ وَغَيْرِهِمَا) إلَّا أَنْ يَأْذَنَ مَالِكُ الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ، فَيَنْبَغِي الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ.
وَإِذَا كَانَ الشَّاغِلُ لَا يَدُومُ، كَالزَّرْعِ وَنَحْوِهِ، أَوْ كَانَ الشَّغْلُ بِمَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهُ كَبَيْتٍ فِيهِ مَتَاعٌ أَوْ مَخْزَنٍ فِيهِ طَعَامٌ وَنَحْوُهُ جَازَتْ إجَارَتُهُ لِغَيْرِهِ وَجْهًا وَاحِدًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ.
(تَتِمَّةٌ) لَوْ كَانَتْ مَشْغُولَةً فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ ثُمَّ خَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا فَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: يُتَوَجَّهُ صِحَّتُهَا فِيمَا خَلَتْ فِيهِ مِنْ الْمُدَّةِ بِقِسْطِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ، بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَكَذَا يُتَوَجَّهُ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهَا فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ ثُمَّ أَمْكَنَ فِي أَثْنَائِهَا.
(وَلَوْ آجَرَهُ إلَى مَا يَقَعُ اسْمُهُ عَلَى شَيْئَيْنِ كَالْعِيدِ) عِيدِ فِطْرٍ وَأَضْحَى (وَجُمَادَى) أُولَى وَثَانِيَةٍ (وَرَبِيعٍ) أَوَّلٍ وَثَانٍ (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِلْجَهَالَةِ (فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْعِيدِ فِطْرًا أَوْ أَضْحَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ مِنْ سَنَةِ كَذَا، وَكَذَا جُمَادَى) لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ، الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ سَنَةِ كَذَا.
(وَ) كَذَا (نَحْوُهُ) كَرَبِيعٍ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ وَتَعْيِينِ سَنَتِهِ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي السَّلَمِ) بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا (وَإِنْ عَلَّقَهَا) أَيْ الْإِجَارَةَ (بِشَهْرٍ مُفْرَدٍ كَرَجَبٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ مِنْ أَيِّ سَنَةٍ).
(وَ) إنْ عَلَّقَهَا (بِيَوْمٍ) فَ (لَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَهُ) مِنْ أَيِّ أُسْبُوعٍ دَفْعًا لِلْإِبْهَامِ.
(وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ مُطْلَقُ الْإِيجَارِ مُدَّةً طَوِيلَةً، بَلْ الْعُرْفُ كَسَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا) كَثَلَاثِ سِنِينَ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.
(قَالَهُ الشَّيْخُ) لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ (وَإِذَا آجَرَهُ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ مُدَّةً لَا تَلِي الْعَقْدَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ابْتِدَائِهَا كَانْتِهَائِهَا) لِيَحْصُلَ الْعِلْمُ بِهَا (وَإِنْ كَانَتْ) الْمُدَّةُ (تَلِيهِ) أَيْ الْعَقْدَ (لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ) أَيْ الِابْتِدَاءِ.
(وَيَكُونُ) ابْتِدَاؤُهَا (مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ، فَقَالَ: أَجَرْتُكَ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ نَحْوَهُمَا) كَأُسْبُوعٍ فَيَصِحُّ، وَيَكُونُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ لِقِصَّةِ شُعَيْبٍ، وَكَمُدَّةِ السَّلَمِ اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي، وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْمَذْهَبُ: لَا يَصِحُّ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فَافْتَقَرَ إلَى التَّعْيِينِ.
(وَإِذَا آجَرَهُ سَنَةً هِلَالِيَّةً فِي أَوَّلِهَا، عَدَّ) الْمُسْتَأْجِرُ (اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا) لِأَنَّ الْمَسَافَةَ عُيِّنَتْ لِيُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ، وَيُعْلَمُ قَدْرُهَا بِهَا فَلَمْ تَتَعَيَّنْ، كَنَوْعِ الْمَحْمُولِ وَالرَّاكِبِ قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ مَتَى كَانَ لِلْمُكْرِي غَرَضٌ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهَا، مِثْلُ أَنْ يُكْرِي جِمَالَهُ إلَى مَكَّةَ لِيَحُجَّ مَعَهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى غَيْرِهَا،.
وَلَوْ أَكْرَى جِمَالَهُ جُمْلَةً إلَى بَلَدٍ، لَمْ يَجُزْ لِلْمُسْتَأْجِرِ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا، بِالسَّفَرِ بِبَعْضِهَا إلَى جِهَةٍ وَبَاقِيهَا إلَى جِهَةٍ أُخْرَى (وَإِنْ سَلَكَ) الْمُسْتَأْجِرُ (أَبْعَدَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ (إلَيْهِ) أَوْ (سَلَكَ) أَشَقَّ مِنْهُ (فَ) عَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَ(أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ) لِتَعَدِّيهِ بِهِ (وَيَأْتِي قَرِيبًا).
(وَإِنْ اكْتَرَى ظَهْرًا) لِيَرْكَبَهُ (إلَى بَلَدٍ رَكِبَهُ إلَى مَقَرِّهِ) مِنْ الْبَلَدِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ) مَقَرُّهُ (فِي أَوَّلِ عِمَارَتِهِ) لِأَنَّهُ الْعُرْفُ قُلْت: إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ، كَمَنْ مَعَهُ أَمْتِعَةٌ وَنَحْوُهَا فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَمَحِلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلدَّوَابِّ مَوْقِفٌ مُعْتَادٌ كَمَوْقِفِ بُولَاقِ وَمِصْرَ الْقَدِيمَةِ وَنَحْوِهِمَا.
(وَ) تَصِحُّ (إجَارَةُ بَقَرٍ لِحَرْثِ مَكَان) لِأَنَّهَا خُلِقَتْ لَهُ وَقَدْ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَوْ) إجَارَتُهَا لِ (دِيَاسِ زَرْعٍ) لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ مَقْصُودَةٌ كَالْحَرْثِ.
(أَوْ اسْتِئْجَارُ آدَمِيٍّ) حُرٍّ أَوْ قِنٍّ (لِيَدُلَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ اسْتَأْجَرَا عَبْدَ اللَّهِ بْنِ الْأُرَيْقِطِ هَادِيًا خِرِّيتًا وَهُوَ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ لِيَدُلَّهُمَا عَلَى الطَّرِيقِ إلَى الْمَدِينَةِ.
(أَوْ) اسْتِئْجَارُ (رَحَى لِطَحْنِ قُفْزَانٍ مَعْلُومَةٍ) لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ.
(وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَمَلِ وَضَبْطِهِ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ) لِأَنَّ الْعَمَلَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا مَضْبُوطًا بِمَا ذُكِرَ يَكُونُ مَجْهُولًا، فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ مَعَهُ، لِأَنَّ الْعَمَلَ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، فَاشْتُرِطَ مَعْرِفَتُهُ وَضَبْطُهُ كَالْمَبِيعِ.
(وَلَا تُعْرَفُ الْأَرْضُ الَّتِي يُرِيدُ حَرْثَهَا إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ) لِاخْتِلَافِهَا بِالصَّلَابَةِ وَالرَّخَاوَةِ.
(وَأَمَّا تَقْدِيرُ الْعَمَلِ فَيَجُوزُ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: إمَّا بِالْمُدَّةِ كَيَوْمٍ، وَإِمَّا بِمَعْرِفَةِ الْأَرْضِ كَهَذِهِ الْقِطْعَةِ، أَوْ) بِقَوْلِهِ (تَحْرُثُ مِنْ هُنَا إلَى هُنَا، أَوْ بِالْمِسَاحَةِ كَجَرِيبٍ أَوْ جَرِيبَيْنِ، أَوْ كَذَا ذِرَاعًا فِي كَذَا) ذِرَاعًا.
(فَإِنْ قَدَّرَهُ) أَيْ الْحَرْثَ (بِالْمُدَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْبَقَرِ الَّتِي يَعْمَلُ عَلَيْهَا) لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا.
(وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْبَقَرَ) مُفْرَدَةً لِيَتَوَلَّى رَبُّ الْأَرْضِ الْحَرْثَ بِهَا، وَأَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مَعَ صَاحِبِهَا، (وَأَنْ يَسْتَأْجِرَهَا) بِآلَتِهَا وَبِدُونِهَا (أَيْ بِدُونِ آلَةٍ) وَكَذَا اسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ وَغَيْرِهَا لِدِيَاسِ الزَّرْعِ، وَاسْتِئْجَارُ غَنَمٍ لِتَدُوسَ لَهُ طِينًا (أَوْ زَرْعًا) مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا،.
فَإِنْ قَدَّرَهُ بِالْمُدَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَدُوسُ بِهِ، لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى عَمَلٍ غَيْرِ مُقَدَّرٍ بِمُدَّةٍ احْتَاجَ إلَى مَعْرِفَةِ جِنْسِ الْحَيَوَانِ، لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ فَمِنْهُ مَا رَوْثُهُ طَاهِرٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ نَجِسٌ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِهِ.
(وَإِنْ اكْتَرَى حَيَوَانًا لِعَمَلٍ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ، كَبَقَرٍ لِلرُّكُوبِ، وَإِبِلٍ وَحُمُرٍ لِلْحَرْثِ جَازَ) لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الْحَيَوَانِ، لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهَا، فَجَازَ كَالَّتِي خُلِقَتْ لَهُ وَقَوْلُهَا إنَّمَا خُلِقَتْ لِلْحَرْثِ أَيْ مُعْظَمُ نَفْعِهَا وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي شَيْءٍ آخَرَ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِإِدَارَةِ الرَّحَى، اعْتَبَرَ مَعْرِفَةَ الْحَجَرِ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ صِفَةٍ) لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِكُبْرِهِ وَصِغَرِهِ.
(وَ) اعْتَبَرَ أَيْضًا (تَقْدِيرَ الْعَمَلِ) إمَّا بِالْمُدَّةِ كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ إنَاءِ الطَّعَامِ، كَقَفِيزٍ أَوْ قَفِيزَيْنِ (وَ) اعْتَبَرَ أَيْضًا (ذِكْرَ جِنْسِ الْمَطْحُونِ إنْ كَانَ) الْمَطْحُونُ (يَخْتَلِفُ) بِالسُّهُولَةِ وَضِدِّهَا لِزَوَالِ الْجَهَالَةِ.
(وَإِنْ اكْتَرَاهَا) أَيْ الدَّابَّةَ (لِإِدَارَةِ دُولَابٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ وَمُشَاهَدَةِ دِلَائِهِ) لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ (وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ بِالزَّمَنِ أَوْ مِلْءِ الْحَوْضِ، وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَاهَا لِلسَّقْيِ بِالْغَرْبِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ دَلْوٌ كَبِيرٌ مَعْرُوفٌ (فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ).
(وَيُقَدَّرُ) السَّقْيُ (بِالزَّمَانِ) كَيَوْمٍ، وَأُسْبُوعٍ (أَوْ بِعَدَدِ الْغُرُوبِ أَوْ بِمِلْءِ بِرْكَةٍ) وَ(لَا) يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ (بِسَقْيِ أَرْضٍ) لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ (وَإِنْ قَدَّرَهُ) أَيْ السَّقْيَ (بِشِرْبِ مَاشِيَةٍ جَازَ، لِأَنَّ شِرْبَهَا يَتَقَارَبُ فِي الْغَالِبِ كَ) مَا يَجُوزُ تَقْدِيرُهُ (بِبَلِّ تُرَابٍ مَعْرُوفٍ) لَهُمَا لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْعُرْفِ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَسْتَقِيَ عَلَيْهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْآلَةِ الَّتِي يُسْتَقَى فِيهَا مِنْ رَاوِيَةٍ، أَوْ قِرَبٍ، أَوْ جِرَارٍ، إمَّا بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِالصِّفَةِ) لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ (وَيُقَدَّرُ الْعَمَلُ بِالزَّمَانِ) كَيَوْمِ وَشَهْرٍ (أَوْ بِالْعَدَدِ، أَوْ بِمِلْءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ قَدَّرَهُ) أَيْ الْعَمَلَ (بِعَدَدِ الْمَرَّاتِ، احْتَاجَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمَكَانِ الَّذِي يَسْتَقِي مِنْهُ، وَ) مَعْرِفَةِ (الْمَكَانِ الَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ) بِالْمَاءِ لِيَصُبَّهُ فِيهِ.
(وَمَنْ اكْتَرَى زَوْرَقًا) هُوَ نَوْعٌ مِنْ السُّفُنِ (فَزَوَاهُ مَعَ زَوْرَقٍ لَهُ فَغَرِقَا ضَمِنَ لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الْمُسَاوَاةِ، كَكِفَّةِ الْمِيزَانِ، كَمَا لَوْ اكْتَرَى ثَوْرًا لِاسْتِقَاءِ مَاءٍ فَجَعَلَهُ فَدَّانًا) أَيْ قَرَنَهُ بِثَوْرٍ آخَرَ (لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ فَتَلِفَ ضَمِنَ) لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ.
(وَكُلُّ مَوْضِعٍ وَقَعَ) الْعَقْدُ عَلَى مُدَّةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الظَّهْرِ الَّذِي يُعْمَلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَالْغَرَضُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ (وَإِنْ وَقَعَ) الْعَقْدُ (عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ) أَيْ إلَى مَعْرِفَةِ الظَّهْرِ الَّذِي يُعْمَلُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْقَصْدَ وَالْعَمَلَ وَحَيْثُ ضُبِطَا حَصَلَ الْمَطْلُوبُ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ رَحَى لِطَحْنِ قُفْزَانٍ مَعْلُومَةٍ، احْتَاجَ إلَى مَعْرِفَةِ جِنْسِ الْمَطْحُونِ) فَيُعَيِّنُهُ (بُرًّا، أَوْ شَعِيرًا، أَوْ ذُرَةً، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ) وَتَقَدَّمَ.
(وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ كَيَّالٍ وَوَزَّانٍ) وَعَدَّادٍ، وَذَرَّاعٍ، وَنَقَّادٍ وَنَحْوِهِ (لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ) لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ مَقْصُودٌ.
(وَ) يَجُوزُ (اسْتِئْجَارُ رَجُلٍ لِيُلَازِمَ غَرِيمًا يَسْتَحِقُّ مُلَازَمَتَهُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بِحَقٍّ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ فِي الظَّاهِرِ لَا يَحْكُمُ إلَّا بِحَقٍّ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ، فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ: غَيْرُ هَذَا أَعْجَبُ إلَيَّ قَالَ فِي الْمُغْنِي: كَرِهَهُ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْخُصُومَةِ، وَفِيهِ تَضْيِيقٌ عَلَى مُسْلِمٍ، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ ظَالِمًا فَيُسَاعِدُهُ عَلَى ظُلْمِهِ.
(وَيَجُوزُ) الِاسْتِئْجَارُ (لَحَفْرِ الْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْقَنَا، وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يَحْفِرُ فِيهَا) لِأَنَّ الْأَرْضَ تَخْتَلِفُ بِالصَّلَابَةِ وَضِدِّهَا (وَإِنْ قَدَّرَهُ) أَيْ الْحَفْرَ (بِالْعَمَلِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَوْضِعِ بِالْمُشَاهَدَةِ، لِكَوْنِهَا) أَيْ الْأَرْضِ (تَخْتَلِفُ بِالصَّلَابَةِ وَالسُّهُولَةِ، وَ) لَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ (مَعْرِفَةِ دَوْرِ الْبِئْرِ وَعُمْقِهَا وَآلَتِهَا إنْ طَوَاهَا) أَيْ بَنَاهَا (وَ) لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ طُولِ النَّهْرِ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ.
(وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا) اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِهَا (فَعَلَيْهِ شَيْلُ تُرَابِهَا مِنْهَا) أَيْ الْبِئْرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْحَفْرُ إلَّا بِهِ فَقَدْ تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ (فَإِنْ تَهَوَّرَ) فِيهِمَا (تُرَابٌ مِنْ جَانِبِهِمَا أَوْ سَقَطَتْ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَحْفُورِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ (بَهِيمَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) فَانْهَالَ بِهَا تُرَابٌ (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْأَجِيرَ (شَيْلُهُ) أَيْ التُّرَابِ (وَكَانَ) شَيْلُهُ (عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ) إنْ أَرَادَ تَنْظِيفَهَا لِأَنَّهُ سَقَطَ فِيهَا مِنْ مِلْكِهِ وَلَمْ يَتَضَمَّنْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ رَفْعَهُ.
(وَإِنْ وَصَلَ) الْأَجِيرُ فِي الْحَفْرِ (إلَى صَخْرٍ أَوْ جَمَادٍ يَمْنَعُ الْحَفْرَ، لَمْ يَلْزَمْهُ حَفْرُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) الصَّخْرَ أَوْ نَحْوَهُ (مُخَالِفٌ لِمَا شَاهَدَهُ مِنْ الْأَرْضِ فَإِذَا ظَهَرَ فِيهَا) أَيْ الْأَرْضِ (مَا يُخَالِفُ الْمُشَاهَدَةَ كَانَ لَهُ) أَيْ الْأَجِيرِ (الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ) وَالْإِمْضَاءِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ (فَإِنْ فَسَخَ) الْأَجِيرُ (كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّةِ مَا عَمِلَ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْإِتْمَامِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ (فَيُقَسِّطُ الْأَجْرَ) الْمُسَمَّى (عَلَى مَا بَقِيَ) مِنْ الْعَمَلِ.
(وَ) عَلَى (مَا عَمِلَ) الْأَجِيرُ (فَيُقَالُ: كَمْ أَجْرَ مَا عَمِلَ؟ وَكَمْ أَجْرَ مَا بَقِيَ؟ فَيُقَسِّطُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا) فَإِذَا فَرَضْنَا أَنَّ أَجْرَ مَا عَمِلَ عَشَرَةٌ وَمَا بَقِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَلَهُ خُمُسَانِ (وَلَا يَجُوزُ تَقْسِيطُهُ) أَيْ الْأَجْرِ (عَلَى عَدَدِ الْأَذْرُعِ لِأَنَّ أَعْلَى الْبِئْرِ يَسْهُلُ نَقْلُ التُّرَابِ مِنْهُ، وَأَسْفَلُهُ يَشُقُّ ذَلِكَ) أَيْ نَقْلُ التُّرَابِ (فِيهِ) هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمَا خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ تَبَعًا لِلرِّعَايَةِ.
(وَإِنْ نَبَعَ مِنْهُ) أَيْ الْمَحْفُورِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ (مَا مَنَعَهُ) أَيْ الْأَجِيرَ (مِنْ الْحَفْرِ فَكَالصَّخْرَةِ) لَهُ الْفَسْخُ، وَيُقَسِّطُ الْمُسَمَّى عَلَى مَا عَمِلَ وَمَا بَقِيَ، وَيَأْخُذُ بِالْقِسْطِ.
(وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ نَاسِخٍ) يَنْسَخُ لَهُ كُتُبَ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ شِعْرًا مُبَاحًا أَوْ سِجِلَّاتٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِالْمُدَّةِ أَوْ الْعَمَلِ (فَإِنْ قَدَّرَهُ بِالْعَمَلِ ذَكَرَ عَدَدَ الْوَرَقِ وَقَدْرَهُ وَعَدَدَ السُّطُورَ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ وَقَدْرَ الْحَوَاشِي) وَذَكَرَ (دِقَّةَ الْقَلَمِ وَغِلَظَهُ فَإِنْ عَرَفَ الْخَطَّ بِالْمُشَاهَدَةِ جَازَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ) ضَبْطُهُ (بِالصِّفَةِ ذَكَرَهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ) لِأَنَّ الْأَجْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ (وَيَصِحُّ تَقْدِيرُ الْأَجْرِ بِأَجْزَاءِ الْفُرُوعِ وَأَجْزَاءِ الْأَصْلِ) الْمَنْقُولِ مِنْهُ.
(وَإِنْ قَاطَعَهُ عَلَى نَسْخِ الْأَصْلِ بِأَجْرٍ وَاحِدٍ جَازَ) لِأَنَّهُ عَمَلٌ مَعْلُومٌ (فَإِنْ أَخْطَأَ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ) الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ (عُفِيَ عَنْهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ (وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا عُرْفًا) بِحَيْثُ يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ (فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَيْسَ لَهُ) أَيْ الْأَجِيرِ لِلنَّسْخِ (مُحَادَثَةُ غَيْرِهِ حَالَةَ النَّسْخِ وَلَا التَّشَاغُلُ بِمَا يَشْغَلُ سِرَّهُ وَيُوجِبُ غَلَطَهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ تَحْدِيثُهُ وَشَغْلُهُ وَكَذَلِكَ الْأَعْمَالُ الَّتِي تَخْتَلُّ بِشَغْلِ السِّرِّ وَالْقَلْبِ، كَالْقِصَارَةِ وَالنِّسَاجَةِ وَنَحْوِهِمَا) لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالْمُسْتَأْجِرِ.
(وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ سِمْسَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ (ثِيَابًا) لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ، مُبَاحَةٌ كَالْبِنَاءِ (فَإِنْ عَيَّنَ الْعَمَلَ دُونَ الزَّمَانِ فَجَعَلَ لَهُ مِنْ كُلِّ أَلْفِ دِرْهَمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا صَحَّ) الْعَقْدُ.
(وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا اشْتَرَيْت ثَوْبًا فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَكَانَتْ الثِّيَابُ مَعْلُومَةً أَوْ مُقَدَّرَةً بِثَمَنٍ جَازَ) وَإِلَّا فَلَا لِلْجَهَالَةِ.
(وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِيَبِيعَ لَهُ ثِيَابًا بِعَيْنِهَا) لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ فَجَازَتْ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ كَشِرَاءِ الثِّيَابِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمُبَاحَةِ الْمَقْصُودَةِ الْمَعْلُومَةِ.